الصفحة الرئيسية  أخبار وطنية

أخبار وطنية توزيع الإرهابيين على مختلف سجون الجمهورية: تحذير من مخاطر حقيقية أم مناورة سياسية؟

نشر في  04 فيفري 2015  (10:33)

 أطلقت النقابية الأمنية ألفة العياري صرخة فزع حيث صرّحت أن الإدارة العامة للسجون توزّع خلال هذه الفترة المساجين الإرهابيين المتهمين في العمليات الإرهابية من سجن المرناقية على باقي مختلف سجون الجمهورية التونسية وإيداعهم مع مساجين الحق العام.
كما أشارت العياري إلى خطورة وضع الإرهابيين مع مساجين متهمين في قضايا الحق العام ، مؤكدة انه امر يشكل خطرا كبيرا حيث سيمكن المساجين الإرهابيين من استقطاب الآخرين وغسل أدمغتهم خاصة وأن الإرهابيين هم من القياديين في التمويل والتخطيط والتنفيذ ويتمتعون بالقدرة على الإقناع حسب قولها.
تصريح العياري الخطير ساهم في إثارة العديد من ردود الأفعال في صفوف النقابيين الأمنيين وممثلي هذا القطاع، فاعتبروا أنّ تصريحاتها جاءت لـ «غاية في نفس يعقوب» وخدمة لأجندات خفية مشبوهة لبعض الأطراف المتورطة في قضايا فساد، خاصة وأنها اتّهمت على أعمدة أخبار الجمهورية المدير العام الحالي بإدارة السجون قائلة انه هو من يقف وراء تعليمات تحويل المساجين إلى سجون أخرى غير المرناقية دون اعتبار للتهديدات والمخاطر التي تنجرّ عن هذا القرار.
أخبار الجمهورية رصدت ردود أفعال بعض النقابيين وكذلك ردّ الناطق الرسمي باسم الإدارة العامة للسجون تنقلها إليكم كالتالي:

رضا زغدود: لهذا لجأنا إلى توزيع المساجين..

أفادنا الناطق الرسمي باسم الإدارة العامة للسجون رضا زغدود بأن هذا الشأن يعتبر خاصا جدا ولا مجال أبدا بأن يتحول ويصبح شأنا عاما لأنه يتعلق بخصوصية العمل الأمني السجني، ولأنه كذلك يعتبر تهديدا ومسّا للأمن القومي للبلاد.
في المقابل أشار محدثنا بأن المتعارف عليه والمعمول به هو أن المساجين الذين تتعلق بهم قضايا وشبهات إرهابية تتم إحالتهم إلى المحكمة الابتدائية بتونس المختصة في قضايا الإرهاب، واثر ذلك يتم إيداعهم بسجن المرناقية، واستدرك قائلا بأن سجن المرناقية أصبح اليوم يعاني من حالة اكتظاظ كبيرة في صفوف عدد المساجين به والتي أصبحت تفوق طاقة استيعابه لذلك لجأت الإدارة إلى حلّ إيداع بعض منهم إلى سجون أخرى وذلك تقليصا من حدّة ووطأة الاكتظاظ الذي أصبح يشهدها.
وأضاف، أن هؤلاء المساجين الذين تم تحويلهم من سجن المرناقية إلى سجون أخرى كانوا سابقا يقيمون في ذات السجن مع مساجين الحق العام في نفس الأجنحة، مسلّطا الضوء إلى أن هؤلاء المساجين لا يتبعون الصفّ «الأول والثاني» من المتورطين في قضايا الإرهاب أي أنهم ليسوا من القيادات الإرهابية الخطرة التي تتبع الصفين المذكورين..
وفي سياق متصل ذكر الناطق الرسمي باسم الإدارة أن السجون التي تم نقل أو تحويل المساجين إليها هي على غرار كافة الوحدات السجنية من حيث احتوائها على كافة مقومات الحماية والتأمين. كما يشتغل بها مجموعة من الإطارات والأعوان على غرار العاملين في سجن المرناقية، يتمتعون بقسط كبير من الكفاءة والخبرة والتكوين ما يؤهل لهم التعامل بكل حرفية مع هذا الصنف من المساجين..
ودعا رضا زغدود في هذا الإطار إلى ضرورة كفّ بعض الأطراف عن التقسيم الموجّه والمقصود للإطارات والأعوان السجنية لانّ ذلك غير موجود وغير مجسّد على أرض الواقع وفق تعبيره، مضيفا أن جميع الوحدات السجنية مؤمنة ويمكن لأغلبها أن تأوي مثل تلك الفئات من المساجين. كما أن قانون السجون الوحيد المعمول به في تونس تقوم كافة الوحدات السجنية بتنفيذه وتطبيقه بجميع حذافيره...

الحبيب الراشدي: كلام مشبوه وغير بريء

من جهته توجه النقابي الأمني وكاتب عام جمعية مراقب الحبيب الراشدي بالقول انّ بعض السجون التونسية تحتوي على مجموعة إطارات فاسدة مورطة في قضايا تعذيب وقتل ونهب منذ منظومة بن علي، مشيرا إلى أن هذه المجموعة تمت مقايضتها  بالملفات من طرف نور الدين البحيري في فترة توليه منصب وزارة العدل في عهد الترويكا لكن ماراعه إلا أن واصلت تلك المجموعة مسيرة التورّط والفساد خدمة لأجندة معينة و»قذرة» وخدمة لعدّة أطراف على رأسهم البحيري ومستشاريه الذين كانا يدخلان سجن المرناقية ويلتقيان بمساجين متهمين في قضايا إرهاب لتمكينهم من هواتف جوالة حتى يستطيعوا إجراء الاتصالات والمكالمات.
واتهم النقابي الراشدي وزير العدل السابق ومستشاريه بالتنكيل بالمؤسسة السجنية وبث الفوضى وتغذية الإرهاب صحبة العديد من الأطراف الأخرى المورطة والتي ساهمت في خلق نقابة أمنية موازية تتزعمها الأمنية ألفة العياري-وفق تعبيره- والتي فجّرت تلك التصريحات خدمة لأجندات معينة قصد الإطاحة بالمدير العام الحالي للسجون والإصلاح المختص بمكافحة الإرهاب حيث لم يخدم مصالحهم. وقال الراشدي إن المدير الحالي الذي شارك مع قيادات قوات الأمن الداخلي في أحداث سليمان عام 2006 وأصيب آنذاك أثناء المواجهات مع العناصر الإرهابية لا مجال للتشكيك به والقول انه يدعم الإرهاب وهو بعيد عن كل الشبهات وساهم في القضاء على مصادر تمويل تلك الأطراف المورطة في نهب ميزانية السجون التي أشرفوا عليها سابقا وفق تعبير محدثنا..
وأكد الراشدي أن تصريح العياري يعدّ خطيرا جدا ومشبوها وغير بريء  لتفجيره في هذا التوقيت، معتبرا أنه يجب على كل الأطراف تحمل مسؤولياتها كاملة فإذا ثبت تورّط المدير الحالي للسجون كما تزعم الأمنية المذكورة فيجب محاسبته، وإذا ثبت العكس والافتراء عليه فعليها الاستعداد للمحاسبة..
وفي ختام مداخلته دعا الحبيب الراشدي النيابة العمومية إلى ضرورة التحرّك لفتح تحقيق في الغرض تبحث فيه عن كل المتواطئين وعمن يدفع لإثارة تلك التصريحات والأقاويل، معتبرا أن من بين الذين يقفون وراءها هم كل من مديرة إدارة الشؤون الجزائية المتورطة في ملفات عفو وسراح شرطي مشبوه وهي موجودة في التفقدية العامة لوزارة العدل ومنذ اندلاع الثورة وفق تعبيره..

وليد زروق: تصريحات ألفة العياري عكست الهجوم عليها..

أما رئيس جمعية مراقب النقابي الأمني وليد زروق، فقد أفاد أخبار الجمهورية بأن الأمنية ألفة العياري ساهمت من خلال تصريحاتها في عكس الهجوم عليها لأنها كانت تتلقى الأموال المنهوبة من ميزانية سجن المرناقية بأمر من وزير العدل الأسبق نور الدين البحيري خلال توليه المنصب في فترة حكم الترويكا.
 كما أضاف زروق أنها كانت على علم  بأمر الجماعات الدينية ودعاة الفتنة الذين أنفذهم البحيري إلى سجن المرناقية والذين ساهموا في دمغجة العديد من المساجين آنذاك، خاصّة وان عددا كبيرا من المهاجرين إلى سوريا في ما يعرف بالجهاد كانوا من خريجي السجون تجاوبا مع الإرادة السياسية التي عكسها وزير الشؤون الدينية نور الدين الخادمي في ذات فترة حكم الترويكا حيث بشكل مكشوف بالدعاية للجهاد في سوريا وفق تصريحه..
من ناحية أخرى، أعرب وليد زروق عن استحسانه للتجاوب الذي عكسته الإدارة العامة للسجون، مناديا بضرورة وضع وتفعيل خطة أمنية ناجعة للتصدي لكل الأطراف المشبوهة وضمان منع إيداع مساجين قضايا الإرهاب مع مساجين الحق خاصة أن عدد المساجين الموقوفين في قضايا إرهابية قد تفاقم في السنوات الأخيرة وسجن المرناقية وحده لم يعد يتسّع لضم وإيواء كل المساجين..
كما أعرب محدثنا عن استغرابه من تصريحات ألفة العياري متسائلا عن الخلفية الحقيقية الكامنة وراءها خاصة وأنها لم تنطق بشيء ولم تحرّك ساكنا إزاء تعيين أحدهم في الإدارة العامة للسجون والإصلاح رغم أنّه معروف بانتمائه السياسي الواضح لحركة النهضة فقد كان رئيسا لمكتبها سنة 2011 ببن عروس، كما أنّه لا يمت للقطاع الأمني والسجني بشيء بما أنّه يتبع اختصاص الهندسة الفلاحية..
وفي ختام مداخلته ساند رئيس جمعية مراقب نداء زميله الراشدي الموجّه للنيابة العمومية بضرورة التحرك لفتح بحث تحقيقي في الغرض تقوم عبره باستدعاء صاحبة التصريحات المذكورة، مشيرا إلى انه يجب على الجميع تحمل مسؤوليات تصريحاتهم..

شكري حمادة: هذا هتك للأسرار الداخلية والمهنية

أمّا  النقابي الأمني والناطق الرسمي باسم النقابة الوطنية لقوات الأمن الداخلي شكري حمادة فقد أعرب عن استنكاره لتصريحات العياري، مشيرا إلى أن الأقوال التي أدلت بها النقابة الأمنية تمثّل هتكا للأسرار الداخلية والمهنية للسلك وتغذية غير مباشرة للإرهاب عبر الكشف عنها نقاشها بذلك الشكل.
كما تساءل النقابي الأمني عن الخلفية الحقيقية التي كانت وراء تصريحات العياري في طرحها موضوع الإرهاب  وعن الأرضية التي تتم تهيئتها خاصة وأنها جاءت في هذا الظرف السياسي الحساس الذي  يشهد انتظارات تشكيل الحكومة وتكليفها.  
في المقابل أفادنا محدثّنا بأنه لا مجال لهرسلة المؤسسة السجنية ونشر ادعاءات باطلة في حقها من طرف أشخاص يحاولون حبك خطط تكتيكية لإثارة الفوضى وزعزعة الاستقرار في السلك المعني بالأمر، قائلا ان كافة الوحدات السجنية الموجودة في تونس تعمل بها مجموعة إطارات وأعوان تسهر وتسعى على تأمين المساجين ومراقبتهم ويقدّمون العديد من التضحيات في سبيل القيام بعملهم على أحسن وجه رغم كل المصاعب والعراقيل التي يعانون منها.
واستدرك حمادة مداخلته قائلا:» سجوننا اليوم أصبحت تحتوي على مساجين تتعلق بهم قضايا إرهابية وهم على قدر كبير من الخطورة ، وصحيح أن سجن المرناقية مشهود بتطوره لكنّه لا يمتلك طاقة استيعاب هامة تمكنه من ظمّ كلّ المساجين الإرهابيين لكن أيضا هناك كفاءات في مختلف الوحدات السجنية تمثل صدا منيعا يقف أمام جميع التهديدات..
وشدّد شكري حمادة وجوب تعجيل النيابة العمومية بفتح تحقيق وبحث في الغرض باعتبار أن المسألة جدّ حساسة فإذا ثبت إجرام أي طرف فعليه المحاسبة وعلى الجميع تحمل مسؤولياتهم..

من جهتها حاولت أخبار الجمهورية الاتصال بالمدير العام لإدارة السجون والإصلاح لمعرفة ردّه بخصوص هذا الموضوع لكن تعذّر علينا ذلك نظرا لوجوده في مهمة خارج تونس..

 

إعداد : منارة التليجاني